فی فسخ الأصیل قبل إجازة الآخر علی النقل والکشف
منها : أنّ فسخ الأصیل لإنشائه قبل إجازة الآخر، مبطل له علی القول بالنقل، دون الکشف.
أمّا فی الأوّل فللمتسالم علیه : من جواز إبطال أحد المتعاقدین لإنشائه قبل إنشاء صاحبه، وأمّا فی الثانی فلتمامیّة العقد من قِبَل الأصیل.
ثمّ ذکر فی آخر کلامه : «أنّ إطلاقات صحّة العقود، تدفع احتمال اشتراط عدم تخلّل الفسخ علی القول بالنقل أیضاً»، ثمّ ذکر: «ولا یخلو عن إشکال».
فعلی ما ذکره لا ثمرة بینهما من جهة فسخ الأصیل، فإنّه لا یؤثّر علی الکشف والنقل؛ لتمامیة العقد من قِبل الأصیل فی الأوّل، وإطلاقات صحّة العقود فی الثانی، ولایمکننا إحراز بناء العقلاء فی هذه المسألة؛ لعدم تعارفها بینهم حتّی نری سیرتهم فیها، فلابدّ لنا من ملاحظة العمومات والإطلاقات.
والصحیح عدم الثمرة بینهما من هذه الجهة وتأثیر الفسخ علی کلا القولین:
أمّا علی النقل : فلأنّ المفروض عدم تمامیّة موضوع وجوب الوفاء، والحلّیة
کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 528 وجواز الأکل قبل الإجازة، فإنّه قد مرّ أنّ حقیقة العقد والبیع والتجارة بمعناها الإنشائی أمر، وموضوع الأدلّة أمر آخر، وأنّ حقیقة هذه الاُمور نفس الإیجاب فقط، لکن موضوع ترتّب الأثر هو العقد الذی له نحو ارتباط بالمالکین، وهذا المعنی لایحصل إلاّ بعد الإجازة، فقبل الإجازة لا موضوع لهذه الأدلّة حتّی یتمسّک بها لدفع احتمال جواز الفسخ، مع أنّ الوفاء بالعقد فی دلیل الوفاء، معناه العمل بمضمون العقد، فمفاد «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» لزوم العمل بالمضمون، نظیر «وَلْیُوفُوا نُذُورَهُمْ» ولیس معناه عدم جواز فسخ العقد، فمتی کان العقد باقیاً یجب الوفاء به، فلو شککنا فی أنّ الفسخ هادم للعقد أو لا، لم یمکننا التمسّک بدلیل الوفاء لإثبات عدم الهدم، فإنّه من التمسّک بالعامّ فی الشبهة المصداقیّة.
ومن هنا ظهر : أنّه لایمکن التمسّک بالإطلاقات لدفع احتمال جواز فسخ الأصیل قبل إجازة المالک حتّی بعد الإجازة، فإنّ اعتبار عدم الفسخ یغایر اعتبار سائر الأجزاء والشرائط، فإنّ الفسخ لو اعتبر یصیر هادماً للعقد، فإذن نحن فی شکّ من وجود عقد تلحقه الإجازة؛ حتّی یتمسّک بالإطلاقات لاحتمال هدم العقد السابق بفسخ الأصیل، ومعه تکون الشبهة شبهة مصداقیة للإطلاقات.
إن قلت : یمکننا استصحاب بقاء العنوان والعقد بعد الفسخ، وبضمیمة الإجازة یلتئم الموضوع بضمّ الوجدان إلی الأصل، فیحصل التأثیر.
قلت : هذا لو لم نقل بأنّ موضوع الأدلّة هو العقد المشروط بالإجازة، لا العقد والإجازة، وإلاّ یکون الاستصحاب مثبتاً، کما لایخفی.
ولعلّ لهذه الجهات ذکر الشیخ رحمه الله فی ذیل کلامه: بأنّه لایخلو عن إشکال.
ویمکن أن یقال : إنّ الموضوع لیس بمرکّب ولا مقیّد، بل إنّه العقد فقط إذا
کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 529 کان مرتبطاً بمالکه؛ من دون أن یکون لوصف الارتباط دَخْل فی الموضوع شرطاً ولا شطراً، نظیر الظرفیّة والقضیّة الحینیّة، وعلیه یجری الاستصحاب ویحصل الارتباط بالوجدان.
وبعبارة اُخری : بقاء العقد إلی زمان الإجازة کافٍ فی التأثیر، فإنّ العقد حینئذٍ مرتبط بالمالک بالوجدان، فافهم فإنّه لایخلو عن دقّة.
وأمّا علی الکشف ، فعلی الحکمی منه ـ وما هو بمنزلته من التعبّدی ـ فالکلام هو الکلام السابق، فإنّه قبل الإجازة لا موضوع للأدلّة؛ حتّی یحکم بعدم جواز الفسخ وبعد الفسخ والإجازة الشکّ راجع إلی الشکّ فی الموضوع.
وأمّا علی الحقیقی ـ ونظیره من التعبّدی ـ فلا إشکال فی دَخْل الإجازة فی التأثیر فی هذا القول أیضاً، غایة الأمر علی نحو الشرط المتأخّر، ولا یحتمل الکشف المحض وعدم دخالة الإجازة أبداً.
وحینئذٍ إمّا أن یقال باعتبار بقاء العقد إلی حال الإجازة حتّی یؤثّر من الأوّل، أو یقال بکفایة حدوث العقد فی التأثیر ولو لم یکن باقیاً حال الإجازة، ولایخفی ترجیح الأوّل؛ لأنّه لابدّ من تعلّق الإجازة بالعقد، فمع هدم العقد لایبقی مورد للإجازة، وعلیه فلو شککنا فی هادمیّة الفسخ لایمکننا التمسّک بالإطلاقات لإثبات التأثیر ، ومع التنزّل والشکّ فی أنّ موضوع الأدلّة هو العقد الباقی أو الحادث، تکون الشبهة مصداقیّة أیضاً؛ لعدم ظهور للدلیل فی العقد الحادث.
کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 530