فی ضمان الغارم العینَ بعد ارتفاع التعذّر
وأمّا مسألة ضمان الغارِم العینَ بعد ارتفاع التعذّر قبل الردّ، فما یمکن أن یقال فیه وجوه:
الأوّل : عدم الضمان، فإنّه بعد أداء الغرامة یسقط الضمان، وحصوله ثانیاً یحتاج إلی دلیل.
الثانی : أن یکون الضمان ضماناً سابقاً ، فإنّ الید اقتضت ضمان العین مطلقاً؛ سقط الضمان بأداء الغرامة مادام التعذّر، فإذا ارتفع التعذّر تؤثّر الید السابقة فی الضمان حینئذٍ.
الثالث : أن یکون الضمان ضماناً جدیداً، فإنّه بعد أداء الغرامة یسقط الضمان، ولایعقل عودالضمان بعد سقوطه، وإلاّ لزم کون الغرامة لاغرامة، فمع القول بالضمان بعد التمکّن یکون الضمان ضماناً جدیداً؛ سواء کان أثره الید السابقة أو غیرها.
فنقول : إنّه لو قلنا بأنّه فی باب التعذّر والتلف العرفی تخرج العین بأداء الغرامة عن ملک مالکها، وتدخل الغرامة فی ملکه، فلابدّ من الحکم بعدم الضمان بعد التمکّن، أو القول بالضمان الجدید، فإنّ المفروض أداء غرامة العین وبدلها وخروج الغارم عن ضمانها، ولایُعقل عود الضمان بعد سقوطه کما مرّ.
وأیضاً لو قلنا بأنّ العین باقیة فی ملکه، لکنّ الغرامة تدخل فی ملکه، فالأمر کذلک لأداء بدل العین.
ولو قلنا بعدم خروج العین عن ملک المالک وعدم دخول الغرامة فی ملکه،
کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 353 بل الغرامة بمقدار الخسارة من جهة تدارک السلطنة الفائتة بمقدارها، فإنّه لایمکن الالتزام بعدم خروج الغارم عن ضمان العین بأداء الغرامة علی هذا المبنی أیضاً.
أتری أ نّه لو تلفت العین بعد أدائه الغرامة لزمته غرامة اُخری غیر ما أدّاه، بل معنی الخروج عن الضمان هو تدارک ما فات المالک من الانتفاعات، وأمّا کونه مالکاً أو لا، فلایعتنی به العقلاء، فمع تدارک الضامن السلطنة الفائتة؛ بحیث یقدر المالک علی جمیع التصرّفات فی الغرامة علی نحو تصرّفه فی العین، یحکم العقلاء بخروجه عن الضمان وإن لم یکن المالک مالکاً للغرامة.
فتحصّل : أ نّه لا فرق بین هذه الأقسام؛ من أ نّه علی تقدیر الضمان بعد التمکّن یکون الضمان جدیداً، فإنّ الغارم قد خرج عن الضمان السابق بأداء الغرامة، ولا یعقل خروج الغرامة عن کونها غرامة، نعم، یمکن کون موضوع الضمان الجدید هو الید السابقة. والصحیح هو الضمان، فإنّ الغرامة إنّما کانت مادام التعذّر، فمع ارتفاع موضوعها تسقط عن کونها غرامة، فلا شیء موجباً لسقوط أثر الید السابقة بعد سقوط الغرامة عن کونها غرامة.
ذکر الشیخ رحمه الله : وممّا ذکرنا یظهر : أ نّه لیس للغاصب حبس العین إلی أن یدفع المالک القیمة... إلی آخره .
والصحیح أ نّه لو قلنا بسقوط أثر الغرامة بعد التمکّن من أداء العین، فحینئذٍ یکون ملک الغارم عند مالک العین، والعین عند الغارم، فیجوز للغارم حبس العین حتّی یدفع المالک القیمة، والحاکم علی ذلک بناء العقلاء، ولا اختصاص لجواز الحبس بباب المعاوضات أو فسخها، کما یظهر من الشیخ رحمه الله، وکما هو صریح
کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 354 کلام المحقّق النائینی رحمه الله، کما أ نّه لیس مدرک جواز الحبس فی الأول الشرط الضمنی وفی الثانی الإجماع، کما ذکره المحقّق النائینی رحمه الله، بل الدلیل ما ذکرناه، وهو حکم العقل والعقلاء فی هذه المقامات کما لایخفی.
ولو قلنا بعدم سقوط أثر الغرامة بعد التمکّن، وأنّ المسقط هو أداء العین، فلا دلیل علی وجوب الردّ حینئذٍ وتحصیل المسقط لأثر الغرامة.
ولا فرق فی القولین بین ما لو بنینا علی حصول المعاوضة بین الغرامة والعین بأداء الغرامة، أو الجمع بینهما فی ملک صاحب العین، أو عدم حصول الملک؛ لا بالنسبة إلی الغرامة ولا العین، بل العین باقیة علی ملک صاحبها، والغرامة قد اُبیحت له تدارکاً لسلطنته الفائتة، فإنّ المیزان هو سقوط أثر الغرامة؛ بلا فرق بین الملک أو الإباحة وعدمه، وقد مرّ أنّ الحقّ عدم سقوط أثر الغرامة للاستصحاب، فلایجب الردّ مالم یدفع المالک الغرامة، نظیر المعاوضات.
کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 355