شبهة فی المقام وحلّها
ولو شککنا فی الاحتمالات الثلاثة فهنا شبهة : وهی أنّ العلم الإجمالی بتخصیص العامّ أو تقیید المطلق، موجب لسقوط کلا الأصلین، فلایمکن تصحیح المعاملة، إلاّ أ نّه حیث إنّ الدوران فی المطلق بین التقیید والتقیّد، مع العلم بعدم تعلّق الإرادة الجدّیّة بحالة الإکراه، ولا أصل عقلائیّاً للبناء علی التقیید حینئذٍ، بل الأصل جارٍ لتشخیص الإرادة الجدّیّة، لا لتعیین کیفیّتها بعد العلم بها والدوران فی العامّ بین التخصیص وعدمه، فتبقی أصالة العموم بلا معارض، فینحلّ العلم الإجمالی لا محالة، وأصالة الإطلاق بالنسبة إلی ما بعد زوال الإکراه أیضاً جاریة بلا مزاحم، فیصحّ العقد حینئذٍ، بل لانحتاج إلی هذا الأصل، ویکفی نفس جریان أصالة العموم لإثبات الحکم بالنسبة إلی الحالة المتأخّرة علی ما سیجیء.
وأیضاً لا معارضة بین الأصلین، فإنّ جریان أصالة الإطلاق مستلزم لعدم جریانه؛ لأنّ جریان هذا الأصل بالنسبة إلی العقد المکره علیه قبل حصول الرضا ـ لإثبات دخوله فی أدلّة النفوذ ـ لایمکن للعلم بخروجه، وجریانه فیه لإثبات لازمه، وهو ورود التخصیص فی العامّ، مستلزم لنفی موضوع الإطلاق، فإنّ الإطلاق متفرّع علی العموم، والتخصیص یوجب خروج الفرد عن العامّ، وهذا موجب لانعدام موضوع الإطلاق، فجریان الإطلاق لإثبات التخصیص فی العموم مستلزم لانعدام موضوع الإطلاق، فأصالة الإطلاق غیر جاریة فی نفسها، فتبقی أصالة العموم بلا معارض.
ولا یتوهّم : أ نّه فی ما بعد لحوق الرضا یمکن إجراء الإطلاق بلا محذور، والمحذور إنّما هو فی جریان الإطلاق بالنسبة إلی الحالة المتقدّمة، فإنّ الشبهة إنّما هی فی مورد العلم الإجمالی بطُرُوّ التقیید أو التخصیص، وهذا یتمّ بالنسبة إلی ماقبل
کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 418 ذلک، کما لایخفیٰ.
وأمّا بالنسبة إلی ما بعده، فیدور الأمر بین تقیید المطلق وعدمه، وهذا راجع إلی الشکّ فی تخصیص العامّ وعدمه، فإنّ تقییده بالنسبة إلی مابعد لحوق الرضا ـ مع العلم بعدم شمول الإطلاق بالنسبة إلی ما قبل ذلک ـ موجب لخروج أصل الفرد عن العموم، فیدور الأمر بین تخصیص العامّ وعدمه، وأصالة العموم تثبت لزوم الوفاء بالعقد بالنسبة إلی هذه الحالة، وهل نحتاج بعد هذا الأصل إلی جریان أصالة الإطلاق أیضاً، أولا، بل یکفی نفس جریان الأصل الأوّل؟ الظاهر کفایة ذلک، فإنّ شمول العموم بالنسبة إلی هذا الفرد ـ مع العلم بعدم شمول إطلاقه بالنسبة إلی الحالة المتقدّمة موجب لثبوت حکم العامّ للفرد بالنسبة إلی الحالة المتأخّرة بلا حاجة إلی التمسّک بالإطلاق الأحوالی.
کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 419